باسم الله الرحمان الرحيم
نبدا ببركة الله
يعاني ما نسبته 60% من مستخدمي الإنترنت في العالم العربي ، من إدمان تصفح شبكة الإنترنت أو ألعاب الكمبيوتر ، أو المحادثة شات ماسنجر .. هذه هي ضريبة التكنولوجيا .
قال الله العظيم : ( ولا تسرفوا ، إنه لا يحب المسرفين )
أي لا تزيدوا من أي عمل أو إنفاق ، لا تزيدوه عن الحد المقبول ، فتصبحوا من المسرفين المبذرين ، والله الحكيم لا يحب المسرفين الطماعين ، الزائدين في أي عمل أو إنفاق عن مستوى مقبول معقول .
1 - هل أنت مدمن لتصفح شبكة الإنترنت أو برامج المحادثة ؟ هل أنت مدمن ألعاب كمبيوتر ؟
2- هل هذا الإدمان إيجابي أم سلبي ؟ هل زيادة ساعات الجلوس على الكمبيوتر ضارة ؟
يمكنك الإجابة عن السؤال الأول : بمعرفة عدد ساعات استخدامك لشبكة الإنترنت أو ألعاب الكمبيوتر Games أو شات محادثة ماسنجر .
إذا كان عدد ساعات استخدامك للكمبيوتر 6 ساعات يومياً أو أكثر مع عدم حساب ساعات العمل عليه ، فأنت إذن مدمن على الإنترنت بشراهة ، أو ألعاب الكمبيوتر ، سوف تجد صعوبة في علاج هذه المشكلة لأنها قد أخذت عمق أكبر داخل عقلك .
أما إذا كان عدد ساعات استخدامك ما بين 3 و 4 ساعات ، فأنت مدمن للكمبيوتر أو الإنترنت ، لكن هذا الإدمان يمكن علاجه ، لأنه لم يأخذ عمق كبير في عاداتك اليومية .
أما الاستخدام ما بين 2 إلى 3 ساعات ، بخلاف ساعات العمل ، فكن مطمئن ، أنت مستخدم طبيعي و لست مدمن .
أضرار كثرة ساعات الجلوس على الكمبيوتر :
1 - إن مجرد الجلوس على الكمبيوتر إلى أكثر من 3 ساعات مستمرة بدون تحريك الجسم هو خطأ ليس بسيط ، لأن هذا الربط والتكتيف لحركة جسمك ، يخفض نشاط الدورة الدموية في القلب والمخ داخل جسمك ، بخلاف الضغط العصبي .
2 - زيادة زمن الجلوس الإجمالي على الكمبيوتر إلى أكثر من 8 ساعات يومياً ، يضاعف حجم الضرر على نشاط دورتك الدموية ، بالتالي يقلل نشاط القلب والمخ وباقي أجهزة جسمك . مما يجعل الجسم خامل ، ومع مرور السنوات يتسبب في الشيخوخة ، عصبية ، قلق ، توتر ، أرق بالليل .
3 - ثبت علمياً أن شاشة الكمبيوتر من النوع العادي ، تصدر مجال إلكترومغناطيسي ضار على كهربية المخ ، حيث يعاني مستخدم الكمبيوتر المدمن من طنين داخل المخ ، طنين محسوس ليس مسموع ، يرجع سببه إلى تأثر كهرباء المخ بمجال شاشة الكمبيوتر ، يزيد هذا الضرر مع سخونة مكونات الشاشة وكثرة ساعات الجلوس أمام الشاشة ، لا نقصد هنا ضرر على نظر العين ، لكن نقصد ضرر على كهربية خلايا المخ نفسها !
لا يحدث هذا الضرر مع شاشات الكمبيوتر من نوع LCD الرفيعة ، بشرط أن تكون ماركة معروفة من الماركات العالمية جيدة الصنع ، ليست من النوع الصيني رخيص الثمن .
4 - إن إدمان ألعاب الكمبيوتر أو الإنترنت ، يعزل صاحبه عن الآخرين مدة طويلة ، يصرفه عن أسرته ، يفصله عن أصدقائه وعن المجتمع ، مع مرور الوقت يتحول مدمن الكمبيوتر إلى شخص منعزل ، منطوي ، متبلد الذهن ، بطيء الانتباه . لأنه غير قادر على التفاعل مع المجتمع المحيط به من أسرة واصدقاء .
5 - إدمان الإنترنت أو ألعاب الكمبيوتر ، يسبب اضطراب في مواعيد نوم و بكور المستخدم المدمن ، مع اضطراب في تأديته لواجباته العادية ، من حيث مواعيد العمل ، النظافة ، العبادة على وقتها ، الخروج لقضاء مصالحه . فكم من مدمن للإنترنت أو ألعاب الكمبيوتر ، قد فقد فرصة عمله أو فقد نجاحه في دراسته بسبب هذا الإدمان !
6 - تصفح الشاب الأعزب لشبكة الإنترنت بشكل مفتوح ، بدون محددات معينة لهدفه من التصفح ، تجعله معرض بشكل متزايد للوقوع فريسة لإثارة المواقع الإباحية ، ومناظر الصور المثيرة على معظم المواقع . فإذا وقع ضحية هذه الإثارة ، يؤدي ذلك إلى وقوعه في نوع إدمان آخر ، إدمان العادة السرية أو إدمان المناظر المثيرة المحرمة . والعادة السرية معروف أن لها تأثير مدمر على الصحة والحالة النفسية للشباب ، خاصة على الذكور ، وعلى الصغار من البنات والمراهقات أو المطلقات .
إذن عزيزي / عزيزتي .. ماذا تفعل ؟ حتى تتجنب الوقوع في حفرة إدمان الإنترنت أو ألعاب الكمبيوتر ؟
1 - قبل تشغيل الكمبيوتر ، أو قبل دخول الإنترنت ، حدد ساعات موعد معين سوف تغلق فيه الجهاز ، لا تخالف هذا الموعد مهما كانت المغريات على الإنترنت أو روعة الألعاب . بحيث لا تزيد فترة جلوسك عن ساعتان فقط يوميا ، أو ثلاث ساعات على أكثر تقدير ، استعن في ذلك بالساعة الموقتة StopWach في هاتفك المحمول ، أو خاصية المنبة ، جدول مواعيد المحمول ، فلا تترك وقتك مفتوح ، فيضيع وينفذ منك بدون فائدة عملية واقعية ، إن الوقت مثل الماء الجاري من حنفية الصنبور ، إذا لم تقفلها ضاع كل الماء هباء بدون فائدة ، تماما مثل ضياع الوقت .
2 - قبل دخول شبكة الإنترنت ، حدد هدفك ، حدد المواقع المطلوبة ، حدد ما هي الفائدة المطلوبة منها ، استعن في ذلك بقلم و ورقة ، أو نوتة مذكرات منبه المحمول ، لكن لو تركت هدفك مفتوح غير محدد ، سوف تقع فريسة لمواقع غير مرغوبة ، أو أفكار سيئة ، أو ضياع وقتك بدون فائدة .
3 - لا تشغل نفسك في تحميلات ألعاب ، برامج ، أفلام ، أغاني ، لكن اجعل التحميل بمقدار معين فقط ، مرة واحدة فقط كل يوم ، لا تزيد على ذلك ، لأن كثرة التحميل والانشغال به ، سوف تضيع وقتك هباءا ، وتدخلك في أمور فرعية أخرى تافهة ، أنت في غنى عنها منذ البداية !
4 - اعلم أن كف النظر ، غض النظر ، منع النظر ، عن كل منظر مثير محرم ، هو حائط السد ، الجدار الناري الواقي ، بينك وبين الإثارة الجنسية ، واعلم أن دخولك ومشاهدتك للمواقع الإباحية ، هي أول طريق إدمان العادة السرية ، ثم هلاك صحتك بشكل بطيء ، وتدمير حالتك النفسية !
إن الإدمان يبدأ بخطوة واحدة ، قال رسول الله ص : ( من دار حول حفرة النار وقع فيها )
قال تعالى : ( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ، ويحفظوا فروجهم ، ذلك أزكى لهم ) يعني تحفظ بصرك عن النظرة الحرام ، تحفظ فرجك عن الإثارة ، ذلك الحفظ هو أطهر إلى قلبك من الوقوع في حفرة الإثارة . هذا الحفظ أفضل للمحافظة على صحتك ، لذلك قبل دخولك على الإنترنت وقبل تشغيل الكمبيوتر
قل لنفسك ( أنا قوي ، أنا محترم ، أنا مؤمن ، أنا أخاف من عقاب الله ، لأن الله شديد العقاب ، أنا لن أسمح لنظري أن يقع على مشهد حرام ، أو أن يستجيب لإثارة جنسية مهما كانت جاذبيتها ) .
قال الله العظيم :
( يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان ، كما أخرج أبويكم من الجنة ، ينزع عنهما لباسهما ، ليريهما سوءاتهما )
( لا تتبعوا خطوات الشيطان ، إنه لكم عدو مبين )
لأن الشيطان يسحبك ببطء ، ويستدرج شهوتك إلى الخطيئة ، ثم الوقوع في الذنب ، خطوة بعدها خطوة ، لا يسحبك مرة واحدة مفاجأة ، حتى تطيعه بشكل استدراجي خافي عن عقلك .
5 - اعلم أن جهاز الكمبيوتر وشبكة الإنترنت سلاح ذو حدين ، إما أن تستخدمه في تحقيق فوائد وجمع معلومات ، أو أن تستخدمه في جلب الضرر على نفسك ، وتدمير أخلاقك وصحتك ، أو ضياع وقتك على أمور تافهة أو مضرة . فلا يوجد أمر وسط بينهما ، إما أن تنفع نفسك وتوفر وقتك ، وتكسب حسنات ، أو أن تضر نفسك ، وتدمر أخلاقك ، وتغضب الله بالسيئات . أبيض أو أسود . أيهما سوف تختار ؟
إذا كان موضوع إدمان الإنترنت صعب عليك ، تعاني من ضرره منذ فترة طويلة
فعليك بتنفيذ جميع الأمور التالية ، وليس تنفيذ بعضها فقط ، لأنها تنفيذها مجتمعة ، سوف يقوي إرادتك ، و يجعلك قادرا على مقاومة إدمان الإنترنت ، لأن تقوية الإرادة هي الحل ، فإن سبب الإدمان الأول هو ضعف الإرادة وقلة الصبر ، انكسار المقاومة ، انهيار القدرة على الصبر والتحمل :
(أ) الصلاة على معادها : خصوصا صلاة الفجر ، بمجرد سماع الأذان ، لأنها تقوي الإرادة . وسماع المصحف المرتل ، سوف يبدو لك الأمر صعب في أول أسبوع التزام ، بعدها سوف تجده سهل عليك ويسير ، والمرحلة التالية تجد نفسك محب للصلاة على وقتها ، محب لسماع المصحف المرتل ، لابد أن تذكر اسم الله قبل بداية أي فعل أو عمل مهما كان بسيط ، سمي بسم الله قبل تشغيل الكمبيوتر ، سمي بسم الله قبل دخول الإنترنت ، سمي بسم الله قبل الطعام وقبل دخول بيتك وبعد الخروج ، وقبل النوم ، وقبل كل شيء ، لأن تسمية الله هي حجاب واقي بينك وبين وساوس الشيطان المستمرة . ( كل عمل لا يبدأ باسم الله فهو ناقص ) بمعنى ليس فيه بركة من الله العظيم ، ويتدخل فيه الشيطان اللعين .
(ب) الرياضة : حل ممتاز لتقوية الإرادة ، أفضل أنواع الرياضة : كمال الأجسام ، الجري الطويل .
(ج ) الزواج : هو أقوى وسيلة لمنع النظر إلى المناظر المثيرة ، إذا كنت فقير فيجب عليك ادخار نصف مرتبك كل أسبوع أو كل شهر ، حتى تستطيع الزواج ، لكن الاستسلام بحجة الفقر هو خطأ ليس بسيط ، واعلم أن الشيطان يجعلك محبط ، مستسلم لعقبات صعوبة الزواج ، فلا تستسلم لوساوسه .
( د ) تعويد النفس على النظام في مواعيد النوم مبكرا بعد العشاء ، الاستيقاظ مبكرا قبل الفجر .
(هـ) الصيام : لأنه يقوي الإرادة الضعيفة المكسورة في نفس المدمن ، يعوده على الصبر والمقاومة .
(و ) الهوايات المفيدة : شطرنج ، قراءة ، رسم ، كتابة ، زراعة حدائق ، تنظيف منزل .
(ز) تحديد الهدف ، تحديد الوقت : قبل دخولك على شبكة الإنترنت أو الألعاب ، لابد من تحديد هدف معين مفيد ، والوقت المتاح بدون أي تجاوز ، باستخدام خاصية منبه مواعيد المحمول .
(ح) كثرة الاستغفار تقوي إرادة المؤمن ، كثرة التسبيح ، كثرة الدعاء .
اعلم يا عزيزي/عزيزتي .. في النهاية .. أن علاقتك القوية مع الله العظيم والتزام العبادات على وقتها والاجتهاد فيها بدون تكاسل ، هي حائط صد منيع ، جدار ناري ضد إدمان أي شيء ، ضد انجراف نفسك إلى شهواتها . عن طريق الصبر على الطاعة والعبادة ، الصبر على ترك المعاصي ، الصبر على الوقوع فريسة لشهوتك ، ( والله يحب الصابرين ) ، أما مع بعدك عن الله العظيم ، فلن تستطيع حماية نفسك من الفتن والشبهات الكثيرة التي نزلت علينا من الغرب مثل نزول المطر !
إن نفس الإنسان مثل النهر الجاري ، إذا لم تحدد اتجاه مفيد له ، ينجرف هذا النهر إلى كل اتجاه و كل شهوة بطبيعة الحال ، يوقعك في الهلاك .
قال الله العظيم :
( فخلف من بعدهم خلفن ، أضاعوا الصلاة ، واتبعوا الشهوات ، فسوف يلقون غيا )
( أو كالذي استهوته الشياطين ، في الأرض ، حيران أسفا )
( يا بني آدم ، لا يفتـنـنكم الشيطان ، كما أخرج أبويكم من الجنة ، ينزع عنهما لباسهما ، ليريهما سوءاتهما )
إذا فعلت هذه الإجراءات مجتمعة ، وليس بعضها فقط ، سوف تساعدك على التخلص من عقدة إدمان الإنترنت أو الإدمان بصفة عامة ، لأن الإدمان له أنواع كثيرة ، مثل إدمان الطعام مثلا ، إدمان التدخين ، إدمان السهر إلى الفجر ، إدمان العادة السرية القبيحة ، بكل أضرارها الشديدة .... إلخ .
قال أحد أعداء المسلمين :
( إن أبرز علامة على ضعف العرب ، هي كسلهم عن صلاة الفجر جماعة ! )
قال الله العظيم : ( والذين هم على صلواتهم يحافظون )
هدانا الله الهادي .. وهدى شباب المسلمين جميعا
( واعفوا عنا ، واغفر لنا ، وارحمنا ، أنت مولانا ، فانصرنا على القوم الكافرين )
نعوذ بالله السميع العليم ، من وساوس الشيطان الرجيم